روايه لمن القرار كامله بقلم سهام صادق

موقع أيام نيوز

وقبل أن تنتبه على وقوفها وتترجل منها كان السائق يفتح لها الباب طالع المشهد الكثير من الأعين المتربصة شكرت السائق بخفوت وأسرعت في دلوف البناية تتجنب تحديق الناس بها وخاصة الرجال ندمت على سوء أخذها إعتبار إنها لم تعد تعيش في تلك المناطق التي لا يهتم فيها الناس ببعضهم 
الأكل يا فتحي
التف فتحي نحو بسمة التي وضعت له صنية الطعام حانقة من تسخينها له للمرة العاشرة طالعها فتحي متهكما بعدما القى بنظرة أخيرة نحو السيارة الفاخمة وهي تغادر حارتهم للتو وقد ترجلت منها تلك الجارة الدخيلة على حارتهم 
حتت عربية أما إيه بصحيح الواحد إمتى يطلع على وش الدنيا ويتنغنغ 
وابتلع لقمته والأحلام تراود مخيلته الطامعة
قطبت بسمة جبينها متسائلة بعدما غمست لقمتها في الطبق
عربية إيه اللي كانت في حارتنا يا فتحي 
تأوهت بخفوت بعدما لطمھا فتحي على يدها الممدودة نحو طبق الطعام 
إيه مش فالحه غير ليل نهار تاكلي مش بتشبعي 
ابتلعت غصتها مع تلك اللقمة التي استقرت في جوفها بمرارة نهضت من أمامه فرمقها غير عابئ بها 
اعمليلي كوباية شاي بدل ما انتي واقفه بصالي في اللقمة كدة 
طالعته بمقت ولكن تلك النظرة التي طالما أرعبتها جعلتها تتراجع فجسدها لم يعد يتحمل ضرباته اتجهت نحو المطبخ تصنع له كوب الشاي تتمنى داخلها أن يكون أخر كوب يرتشفه من الدنيا ثم رفعت يديها داعية الله أن يخلصها 
يارب يجيلي ابن الحلال اللي يخلصني منك يا فتحي
بسمة بسمة 
انبسطت ملامح بسمة واتجهت بعينيها نحو شباك المطبخ
أنتي رجعتي امتى يا ملك 
وسرعان ما تذكرت حديث فتحي عن تلك السيارة الفارهة فتلاعبت بحاجبيها 
هي العربية الفاخمة اللي كانت في حارتنا كنتي انتي اللي فيها 
لصقت ملك جسدها بجدار الشرفة المطله على مطبخ بسمة مازحة
هو أنتوا الخبر بينتشر عندكم بالسرعة ديه 
التوت شفتي بسمة إستنكارا تستند بذراعيها على النافذة الضيقة 
ما أنتي سايبه العز وجاية تعيشي هنا ده الواحده مننا حلم حياتها تمشي من الحارة الفقر ديه 
وأردفت بمقت من تأخر ابن الحلال الذي تنتظره منذ أن كانت في سن الخامسة عشر 
أمتي يجي ابن الحلال ويخلصني من الحارة ديه 
لم تتحمل ملك سماع المزيد فاڼفجرت ضاحكة وقد صدحت ضحكتها بالارجاء ولكن سرعان ما تجمدت ملامحها بعدما استمعت لصوت فتحي 
هروح اعمل الشاي لفتحي بدل ما يجي ويعلقني
ونظرت خلفها خشية من قدومه 
هحاول اتسحب واجيلك اعمليلي من العصير الحلو اللي بتعملي 
الشباك وتهرول في صنع كوب الشاي 
اتسعت ابتسامة ملك ثم عادت تضحك دون توقف وهيئة بسمة المذعورة لا تترك مخيلتها 
التقطت هاتفها دون أن تنظر نحو رقم المتصل بعدما شرع في الرنين 
رفرف قلبه وهو يستمع لنبرة صوتها السعيدة وبصعوبة هتف بعدما علم إنها أنتبهت أنه من يهاتفها 
وصلتي 
أطلقت تنهيدة قوية ووضعت بيدها فوق دقات قلبها المتسارعه
بكرة هجيلهم وهفضل اجيلهم لحد ما تقتنع وتعرف إنهم محتاجني
عشان أربيهم وأرعاهم 
تصبحي على خير يا ملك 
أنهى المكالمة بعدما أدرك أن الحديث سيأخدهم لمنعطف مسدود نظرت نحو هاتفها بعدما أغلق الخط بوجهها فاسرعت في دق رقمه 
أنت ازاي تقفل المكالمه في وشي 
اتنفسي براحه يا ملك
و رسلان أصبح يعرف معنى المراوغة بجدارة التقطت أنفاسها بصعوبة وأخذت تهدأ رويدا رويدا 
انا عايزة ولاد اختي يا رسلان أنت شايف اتعلقوا بيا ازاي في أيام قليلة 
انتظرت جوابة الذي طال ولولا صوت أنفاسه لكانت ظنت إنه أغلق المكالمة للمرة الثانية أبعدت الهاتف عن أذنها فقد مرت دقيقة وهي تنتظر سماع جوابه وقبل ان تهتف باسمه كان يعطيها الاجابه 
و أنا مش هضيع ولادي يا ملك ولا هضيعك انتي كمان الصبر واتعلمته كويس و رسلان القديم خلاص إنتهى رسلان الجديد مبقاش يعرف يعني إيه تضحية عشان يراضي اللي حواليه 
وها هي المكالمة يغلقها دون أن ينتظر سماعها تجمدت عينيها نحو الهاتف وعباراته تتردد في أذنيها
ثواني وكان الهاتف يعلن عن وصول رساله وتلك الرساله كانت مجموعة من الصور تجمعهما وصورة وراء صورة كانت تذكرها بالذكريات القديمة ودون شعور منها كانت تقرب وجهه إليها تتأمل ملامحه وقلبها يعود ليخفق يخفق پجنون يذكرها أن هذا الرجل هو حبها القديم هو حلمها الذي سرق منها سرقته ناهد لتجعله زوج لأبنتها رسمت لشقيقتها الخطة ببراعة وشقيقتها سارت عليها تعمقت في النظر إليه وحديث ناهد الأخير عاد يخترق أذنيها 
رسلان حافظ على سر مها رسلان لم يترك صغيريه إلا لأنه كان مجروح كما جرحت هي فتركت لهم عالمهم ووافقت على عرض السيدة فاطمة وتزوجت من جسار 
انتبهت على تلك الطرقات الخافته ولم تكن إلا بسمة أسرعت بسمة في الدلوف بعدما فتحت لها الباب 
كنت هتقفش يا ملك ده انا ما صدقت فتحي اتكيف ومبقاش حاسس بحاجة ملك مالك واقفه كده ليه 
اردفت بسمة متسائلة بعدما أدركت أن ملك لم تكن معها اقتربت منها تنظر نحو الهاتف فوقعت عينيها على صورة ذلك الوسيم الذي تعرفه 
دكتور رسلان توم كروز في شبابه 
بهيام كانت بسمة تطالع الصورة وتقلب شفتيها مقتا
ده لو البنات في المصنع معايا شافوا هيضربه عبده المقشف بالجذمة القديمة 
واستطردت متسائلة 
ملك انتي سمعاني
انتبهت ملك اخيرا وقد نالت الذكريات منها وأخذتها لأيام ظنت إنها أنساها لها الزمن
على فكرة الراجل ده بيحبك اوي يا ملك
تعلقت عينين ملك بها فسارت بسمة نحو الأريكة تجلس عليها وتستطرد بحديثها
لما عمي عبدالله جيه يعيش هنا وسطنا كان بيزوره يوميا سمعتهم مره كانوا بيتكلموا عنك وعمي عبدالله كان بيترجاه ميسيبكيش ولا يتخلى عن مها
واردفت بمقت
وڠضب وهي تتذكر تلك السيدة التي كانت سبب في كل ما حدث وقد علمت عنها عندما التقطت أذنيها بعض من حديثهم الذي أصبحت تفهمه اليوم بعد مرور هذه السنوات 
الست ديه هي السبب لو مكانتش حربت حبكم و دورت على سعادة بنتها وبس لكنها ست أنانيه وبنتها كمان زيها أنتي طيبه اوي يا ملك رغم كل اللي حصلك منهم رجعتي عشان ولادها تربيهم
مها مكنتش وحشه يا بسمة ناهد على السبب
هتفت بها ملك واسبلت اهدابها تخفي دموعها
عارفه يا ملك لو كنتي بتحبي جسار كان جوازكم تم مافيش ست وراجل بيكون بينهم مشاعر
علقت عينين ملك بها ف الحديث لا يخرج إلا من إمرأة ناضجة ذات تجربة وليست فتاة في العشرين من عمرها هي التي أتمت الثامنة والعشرين لا تعرف تلك المشاعر التي تقود نحو الرغبة
لا اوعي تفهميني غلط
لفظت بسمة عبارتها وقد توردت وجنتيها خجلا من نظرات ملك الفاحصة
يقطعهم البنات معايا في المصنع مش وراهم حكاوي غير كده بقى عندي خبرة اد كده
ومدت يديها حتى تصف لها مقدار خبرتها وكالعادة عندما تشعر بالحنق من أمر ما تقلب شفتيها لاسفل 
وابن الحلال مش راضي يجي وسايب فتحي يبيع ويشتري فيا بس هو اللي خسران 
والحديث مع بسمه كان يأخد منعطف أخر منعطف يتقافز معه القلب من شدة الضحكات 
فتحت عينيها بعدما شعرت بشئ غريب يسير فوق وجنتها ابتسم وهو يراها كيف تحدق به وكأنها لا تستوعب الأمر ردة فعلها كان يتوقعها مما جعله يتقبلها بصدر رحب فالطريق مازال طويلا بينهم
أنت بتعمل إيه هنا 
وبهدوء كان يسحب حاله من فوق فراشها يضبط من وضع ساعته
عندك محاضرة بعد ساعة ونص واظن مافيش وقت قدامك
التقطت هاتفها تطالع الوقت فانتفضت من فوق الفراش وانتصبت على قدميها تنظر نحوه پغضب
عدي من الساعة عشر دقايق واخرتيني على إجتماعي
طالعته بذهول فمن هذا الرجل الذي أمامها اليوم
عدي خمس دقايق
تركته مندفعة نحو المرحاض تطالع هيئتها في المرآة تلتقط أنفاسها غادرت الغرفة بعد نصف ساعة ولم يعد أمامها أي وقت إضافي حتى تتدلل في خطواتها ركضت نحو باب الشقة دون أن تهتم بشئ أخر فعقلها هذه اللحظة مع تلك المحاضرة وذلك المحاضر الذي لا يستطيع أحد الدلوف بعده 
رايحه فين قبل ما تفطري
توقفت في مكانها واستدارت نحوه
رايحه الجامعه ومتأخرة يا سليم باشا ومش عايزة افطر 
حاول تجاوز نبرتها المتهكمه واندفع صوبها الټفت تكمل سيرها ولكنه كان أسرع منها فالتقط ذراعها 
ظنته سيمارس عليها سطوته كما كان يفعل بها حسن قديما وكما فعل هو تلك الليله وكما فعل الكثير منهم 
مش هتمشي غير لما تفطري وبعدين انا هوصلك يا فتون
نفضت ذراعها عنه ترمقه بنظرة خاليه من أي شئ
شكرا وفر حنانك لحد تاني مش الخدامين ولاد الفلاحين 
تجمدت عينيه ولكن سرعان ما استرخت ملامحه مجددا
قولت هتفطري يعني هتفطري مش معقول اكون محضرلك الفطار بنفسي وترفضي ده وبما اني راجل مش معطاء ومستغل فاعرفي الفرصة مش هتكرر تاني 
وكأنه فتح لها الطريق حتى تجد ما تصنعه في خيالها فتثبت لقلبها كم هو رجل مخادع وإذا ارتجف ودق في وجوده سيكون خائڼ ضعيف 
عارفه دوري بعد كده مع سليم بيه النجار هكون خدامه 
اجلسها عنوة فوق المقعد فطالعت الطاولة المعدة وكأن أحدهم أعدها وليس سليم النجار الذي إعتاد أن يخدمه الجميع 
دورك إنك مراتي وملكة في بيتك يا فتون 
نفضت يده الممدودة إليها فسقطت الشوكة من يده 
قولت مش عايزة منك حاجة مش عايزة حاجة منك أنت بالذات 
وبسلاسة كان يجيبها 
فاضل على المحاضرة
نص ساعة يا فتون 
تجمدت عينيها نحوه الطبق واسرعت في النهوض 
لو مستنتيش عشان اوصلك مش هتوصلي في الميعاد خالص غير دكتور تامر هيطردك 
فتحت باب الشقة دون أن تعبأ بهتافه وكم كان حانقا من تصرفها عقله يهتف به بأن لا يتهاون ولكن قلبه يطالبه بالصبر فهو من جعلها كارهة له فهو من إستغل والدها هو من وضع قانون صك ملكيته وهو من أرادها 
من حسن حظه لم تجد سيارة أجرة ومن سوء حظها ندمت لرفضها عرضه رأته وهو يصعد سيارته فاشاحت عينيها عنه 
فوقف بسيارته أمامها 
فتون اركبي وبطلي عند مصلحتك دلوقتي تروحي محاضرتك بدل ما انتي مضيعه اغلب المحاضرات وديما مطرودة منها 
صعدت حانقة فابتسم ولكن سرعان ما اخفاها حتى لا يزداد حنقها
هتعملي إيه بعد الكلية 
لم تجيب عليه فعاد يكرر سؤاله ولكنها ظلت صامتة تخبر حالها لا بد أن تحارب ذلك الرجل وتثأر لحالها 
دلفت المحاضرة متأخرة كالمعتاد ولكن تلك المرة لم
تطرد منها فالدكتور تامر أخبرهم اليوم أن لا أحد سيطرد من تلك المحاضرة لأهميتها ولكن بعد إنتهاء المحاضرة وإستدعاء دكتور تامر لها جعلها تعلم أن عدم طردها اليوم كان وراءه سليم النجار فدكتور تامر صديق للعائله والكثير
من الشكر والمدح في عائلة النجار وخاصة سليم وكم يعتبره اخ صغير له 
غادرت مكتب الدكتور تامر وسارت دون هدف فانتبهت على صوت أحمس ثم اقترب منها يسألها بلهفة وقلق 
انتي كويسه يا فتون حقيقي من امبارح قلقان عليكي من ساعة اللي حصل وأنا مصډوم مش ده نفس الراجل اللي شوفته في المطعم 
واستطرد في حديثه وهو يسير جوارها 
أنتي كنتي تعرفيه مش كده يا فتون 
لفظت
أنفاسها ووقفت قبالتها تطالعه 
أحمس ديه حكاية طويله ومش حابه اتكلم
تم نسخ الرابط