روايه لمن القرار كامله بقلم سهام صادق
المحتويات
وردة ما مضغته تضع بكفها فوق شفتيها لا تستوعب أن حديثها الذي قالته بحسن نية ستأخذه سيدتها الصغيره إهانة
ترقبت السيدة ألفت ملامح فتون وانتظرت أن ترى ردة فعلها
كان عندي جارة جميله أسمها الست إحسان علمتني حاجات كتير في صنع الحلويات غير إن كان عندي مطعم صغير يعني زي ما تقولوا كده عندي خبرة
تعلقت عينين السيدة ألفت بها سعيدة بحديثها الذي اذهلها ابتسمت الخادمتين براحة بعدما وجدوا سيدتهم الصغيره تتجاذب معهم ببعض الأحاديث عن حياتها القديمة وقد زاد إنبهارهم وتعجبهم من الواقع فالسيدة الصغيرة انتقلت من حال إلى حال أخر أكثر ثراء ورجل تتمناه الكثيرات وقد اختارها هي
يا سلام لو الواحد يكون محظوظ كده يا بت يا
هدى
ياختي انا شوفت نصيبي خلاص والشقا طلع ورايا ورايا
امتقعت ملامح وردة تزم شفتيها مستاءة من حال رفيقتها بالعمل
هو أنا ليه كل ما اقولك عن أحلامي ديما كده منزلاني على أرض الواقع وبتسدي نفسي
التوت شفتي هدى فوردة فتاة حالمه ولكن هي لا تحب إلا العيش في الواقع
وردة
صړخت السيدة ألفت بعدما لم يعد يعجبها الحديث الدائر بينهم
مش قولت مليون مرة نخلينا في شغلنا
انتفض جسد وردة وقد انتبهت للتو على نظرات السيدة ألفت الغاضبة
ڠصب عني يا مدام ألفت اصل حكاية الهانم ولا في الأحلام
وعادت لأحلامها بعدما أقتحم رأسها المشهد الذي وجدت فيه رب عملها وهو واقف جوار سيدتها الصغيرة يعاونها في تزين بعض الحلوى سيدها الوقور الثري يقف في المطبخ شئ إلى الأن لا تصدقه ولم تخبر به رفيقتها هدى حتى هذه اللحظة بسبب وجود السيدة ألفت
أجفلها صړاخ السيدة ألفت كالعادة تسأل حالها لما لا تمنحها السيدة ألفت فرصة مع أحلامها
حاضر يا مدام ألفت ده حتى النهاردة يوم طويل
صعدت درجات الدرج تأمل أن تكون أدت مهمتها بجناح وتتمكن من إسعاد قلب الصغيرة وسرعان ما تحقق ما كانت تأمل له فالصغيرة أخذت تهبط الدرج بخفة تحمل دميتها الصغيرة بيد وباليد الأخرى حملت مشطها الوردي الصغير
خطڤتها طلتها الطفولية بفستانها الوردي كعالمها واشيائها
فستانك جميل
أوي يا ديدا
هتفت بها فتون وهي تقترب منها وعلى وجهها ابتسامة واسعة انكمشت الصغيرة على حالها تشيح عيناها عنها
أوجعتها ردة فعل الصغيرة ولكنها باتت تعتاد معاملتها النافرة تعذرها لصغر سنها وتعلقها الشديد بوالدها
التف إليها الصغيرة وقد اعطتها حركتها أملا بأن مدحها أعجبها وستتحدث معها كما كانت تفعل ولكن نظرات الصغيرة صعقتها كما صعقها حديثها
أنت وحشه وأنا مش بحبك
واسرعت الصغيرة راكضة نحو غرفتها تصعد فراشها وتجذب الغطاء نحو جسدها منكمشة باكية ومشهد والدتها المڼهار صباحا مازال يقتحم عقلها الصغير
اختفت سعادة فتون وقد أضاعت نظرة الصغيرة أي سعادة كانت تحتل فؤادها
دلفت غرفتها حزينة تبتلع غصتها إنها تحبها حقا لا تتمنى لها طفولة بائسة كحالها تتمنى لها أن تحصد الكثير من السعادة في طفولتها حتى تكبر وتكون شابة قوية مشبعة بالحنان والحب
استمعت لصوت الطرقات فاسرعت في مسح دمعتها تلتف نحو السيدة ألفت التي دلفت للتو تطالعها بنظرات حانية
متزعليش من كلام خديجة البنت صغيرة وبتتأثر من كل حاجة حواليها
ابتلعت فتون تلك المرارة وقد بدء الصداع يطرق رأسها
شهيرة هانم النهاردة الصبح كانت نفسيتها مدمرة ومن غير ما تحس زعقت في البنت
منحتها السيدة ألفت عذرا للصغيرة اصابتها الكلمات تتذكر مشهد شهيرة بعدما رأته
الأطفال في السن ده بيتأثروا بأي حاجه يا بنت
وهي كانت خير من يعلم عن هذا هي لم تعش تلك الطفولة التي تسمع عنها طفوله الحرمان من كل شئ
انفصال الأهل الطفل مش بيقدر يتجاوزه بسرعه والبنت صغيره متعرفش يعني إيه إن الأب يكون مع ست تانيه
سليم ناوي يصلح الموضوع ده يا مدام ألفت خديجة كرهتني اوي وهي شيفاني موجودة مع وجود مامتها
وادرفت متفهمة لمشاعر الصغيرة
أنا عامله زي اللي جيه غلط في الصورة لما اتلقطت
اقتربت منها السيدة ألفت مبتسمه تمد كفها تمسح فوق خدها
بالعكس يا فتون أنت وجودك كان صح في حياة سليم بيه
والتمعت عيناها متذكره مشهده وهو يغادر المطبخ ملطخ الملابس
أنا متأكده إن بعد حفلة
عيد ميلاد خديجة سليم بيه هياخد القرار الصح هو وشهيرة هانم
صدح رنين الهاتف فتوقفت السيدة ألفت عن الحديث
أسرعت في التقاط هاتفها فتوهجت نظراتها لرؤية اسمه يضئ فوق شاشة الهاتف أتاها صوته فور أن أجابت
تعرفي طول ما أنا قاعد في الاجتماع عمال اوزع ابتسامات فكريني قصدهم ميعرفوش إن في حد تاني خالص في بالي
ضحكت رغما عنها وهي تسمعه مستمتعه بما يخبرها به
اشار لمديرة مكتبه بأن تعود لمكتبها إلى أن ينتهي من مكالمته ثم اخذ يدور بمقعده مسترخيا رغم الإرهاق
تعرفي إنها كانت مغامرة حلوه
توردت وجنتيها تتحاشا النظر للسيدة ألفت التي اصرفت سمعها عن حديثهم واطرقت رأسها
الفطاير كانت لذيذة بشكل
الفطاير! هحاول أصدق إنك تقصد الفطاير
خرج صوتها متحشرجا فانفرجت شفتيه في ضحكة قوية اذابت مشاعرها
أحبك وأنت ذكية يا حببتي وبتفهمي
واردف مازحا بوقاحة هي في الأساس من طباعه
حقيقي التحلية كانت جميله بشكل
سليم باشا هو أنت فجأة بقيت فاضي
توقف بمقعده عن الحركة يحك فروة رأسه مبتسما
مش عارف ليه أنا مبسوط النهاردة مش بقولك الفطاير كان ليها سحر
أسبلت اهدابها في خجل تسمح لأذنيها بسماع حديثه الذي يداعب أنوثتها يصف لها كيف كان مذاق الفطائر هذا الصباح بالطبع لم يكن مذاق الفطائر لكن سليم كان متلاعب بحديثه يقسم داخله إنه بالتأكيد تسمعه وهي تعض باطن خدها من شدة خجلها
روحتي فين يا حببتي
وبهمس اجابته وقد تناست أمر وجود السيدة ألفت التي اتخذت الصمت وتركت لسيدتها الصغيرة فرصة الحديث مع رب عملها الذي عاشرته لسنوات طويلة
معاك بسمعك
اتسعت ابتسامته شيئا فشئ ولكنه فاق على طرقات مديرة مكتبه فرمق ساعة يده ممتعض الوجه فقد حان وقت مقابلته لأحد العملاء
أنا مضطر اقفل يا حببتي وهسيب ليك اختيار البدلة أختاريلي على ذوقك بقى
هامت للحظات في مكالمته متنسية بؤسها حتى إنها تناست وجود السيدة ألفت
فتون يا بنت
أجفلها صوت السيدة ألفت فاتسعت حدقتيها غير مصدقة أنها تناست وجودها
مدام ألفت
تعالت ضحكات السيدة ألفت سعيدة بما تراه
شكلي اتناسيت معلشي يا بنت مكنتش أعرف المكالمه هتطول كده كنت نزلت المطبخ
ارتبكت فتون لا تعرف بما تجيبها به
عادت السيدة ألفت تقترب منها ومن نظرتها علمت فتون أن هناك خطب ما تريد إخبارها به
فتون يا بنت أنا عارفه إنك عاقلة وهتكوني متفهمه اللي هقوله ليك وبلاش تسأليني عن السبب
توقف فتحي أمام بوابة المنزل الراقي ملتفا حوله غير مصدقا تلك الحياة التي تعيشها شقيقته
يا حلاوة يا ولاد بيت زي بيوت البهوات وشارع أنضف من حياتي طلعتي محظوظة يا بت يا بسمه
عادت عيناه تفحص المكان ثانية ثم رفع كفه نحو ذقنه يحكه به مستطردا
قال إيه أبوك
كان خاېف ېموت ويسيبك أمرمطك ميعرفش إن بنته ناصحة ومدوراها
أنت واقف عندك بتعمل إيه يا أخينا
انتفض فتحي فزعا بعد سماعه لصوت الواقف خلفه
بسم الله الرحمن الرحيم
بقولك بتعمل إيه يا أخينا
التوت شفتي فتحي إستنكارا ينظر لقصر قامه الواقف ويده التي وضعها فوق كتفه العريض
هو ده ترحيب أهل البلد برضوه
ما تخلص يا أفندي قول عايز مين ولا عايز إيه أو خد بعضك وامشي من هنا
نفض فتحي يده عن كتفهثم رفع كفيه يعدل من هندام قميصه الذي أخذه من عنتر بعد أن أعجبه عليه فلا بأس إنه سيكون زوج شقيقته
ايدك يا عم أنا فتحي أخو بسمه
ابتعد عنه الرجل يرمقه بنظرات قويه فاحصة يتذكر أوامر سيده هذا الصباح متمتما بصوت خاڤت
سبحان الله زي ما وصفك جسار بيه بالظبط اول ما هشوفك مش هطيقك لله في لله
بتقول حاجة يا أخ
البيه مستنيك
استاءت ملامح فتحي ولكن سرعان ما عادت عيناه تنشغل بالتحديق بالمكان
هي أختي بسمه بتشتغل إيه هنا
اتخذ العم صالح الصمت حتى توقف أمام الباب الداخلي للمنزل متلفا إليه يرمقه بنظرات ماقتة
هو أنت جاي دلوقتي تسأل أختك شغاله إيه وتدور عليها
هي البت بسمة ديما مسوءه سمعتي قدام الناس
انفتح الباب وبنفس النظرة التي شيعه بها العم صالح وهو يشير نحوه يخبر الواقفة بهويته كانت السيدة سعاد ترمقه بها
فتحي أخو بسمه يا ست سعاد
التوت شفتي السيدة سعاد تنظر إليه بنظرة مستنكرة
يا خسارة على الرجاله
ضاقت عينين فتحي يرمقهما بتأفف
تحبوا تاخدوا صورة معايا
احتقنت ملامح السيدة سعاد تبتعد عن الباب حتى يدلف بعدما ضاقت أنفاسها من رؤيته
أدخل يا اخويا ادخل
يا ساتر عليكم ناس متعرفش كرم الضيف
انتقت له البذلة التي سيرتديها اليوم كما أخبرها و وضعت له كل ما سيحتاجه حينا يأتي من عمله ولن يتبقى معه إلا القليل من الوقت ليستعد لاستقبال ضيوفه
تعلم إنها ليست حفل عيد ميلاد فقط بل حفلة لإظهار شهيرة مكانتها حتى اليوم في منزل سليم وحياته وإنها ربما عادت لعصمته دون أن يصرح بالأمر
اشياء كثيرة دارت بخلدها بعدما غادرت السيدة ألفت غرفتها
خليك النهاردة الجندي المجهول يا بنت أنا عارفه إن من حقك تظهري وسط الناس معاه لكن خليك المرادي بعيده وسيبي شهيرة هانم على الساحه وسط ضيوفها
كانت تتمنى أن تمنحها السيدة ألفت السبب ولكن السيدة ألفت أحتفظت به لنفسها
عادت عيناها تتعلق بأشيائه الخاصة تتسأل متى سيأتي اليوم
الذي سترافقه به بأحقية
أنت أتنزلتي كتير عن حقك فيه يا فتون مجتش من النهاردة
واردفت متحسرة تتذكر حماسها في حضور الحفل وارتداء الثوب الذي انتقته معه
فعلا ده الأفضل ليكي يا فتون عشان خاطر خديجة البنت بقت شيفاني الساحره الشريره
وبمرارة أسرعت في نفض أفكارها البائسة واتجهت لتلتقط ورقة وقلم تكتب له أين هي وحينا تنقضي الحفل ستعود
والقرار الذي كانت ستتراجع عنه بعدما غادرت غرفتها زادها الأمر يقينا أن بعدها اليوم هو الأفضل خاصة عندما رأتها شهيرة ورمقتها بنظرة خاوية ثم اتجهت نحو غرفة أبنتها
خرجت زفراتها بثقل وهي تعلق حقيبتها الصغيرة فوق كتفها متمتمه
هو مين الضيف ومين صاحب البيت
بتوتر جلس فتحي أمام جسار ينظر كل منهما للآخر في صمت
حاول فتحي صرف نظره عنه فنظراته تزيد من توتره وبهمس أخذ يتسأل
هو عنتر اتأخر بالمأذون ليه
اعتدل جسار في جلسته ومال للأمام قليلا فازدرد فتحي لعابه پخوف فهيئة جسار ونظراته تذكره بأشخاص لا يحب تذكرهم وهم رجال الشرطة
اسرع فتحي في تحسس عنقه لتتعلق عينين جسار به سعيدا بتوتره
مالك يا فتحي شايفك متوتر
أنا يا باشا بالعكس ده أنا مبسوط خالص ده حتى النهاردة فرح بسمه اختي
وسرعان ما كان القلق يتلاشي من فوق ملامح
متابعة القراءة