رواية غير قابل للحب «ماڤيا» منال سالم

موقع أيام نيوز


مشاعر الغيرة والحقد بت أدرك أني تغيرت عن السابق أصبحت نسخة جديدة من شخصيتي القديمة المتسامحة ذات الطيبة والأخلاق طالتني تأثيرات فيجو السوداوية غير الرحيمة وراحت تصبغني بما يتفق مع طبيعته ويرضيه استفقت من سرحاني المشحون بلمسة رقيقة من يده علي استدرت ناحيته فخاطبني هامسا في أذني بصوت محفز وعيناه تشيران إلى بقعة محددة

إنها في انتظارك!!!!
يتبع التالي
إن كنت تبحث عن ملاذ أو ملجأ في مكان يعج بشرور الناس فأنت مخطئ فهم قادرون كليا على سحقك إن خالفت ما يأمروك به هذا بإيجاز كان وضعي الحالي حملقت في وجه فيجو بنظرات مصډومة يتخللها علامات الړعب فأي زوج ذاك الذي يحض زوجته على إكمال مهامه بل ويمهد لها السبل لتنفيذها دون أن يكترث إن كانت ستتعرض للخطړ أم لا!!
رمقته بهذه النظرات المستهجنة وهو لا يزال يتحدث في هدوء سلس ليذكرني باختصار عن خطوات تنفيذ خطته بدا وكأنه يطلب مني إحضار كوبا من الماء له برقت عيناي في خوف لم أواريه كما راح جسدي يرتعش برعشات متواترة جراء ما أصابني من رهبة وهلع. بلعت ريقي وواصلت النظر إليه وأنا لا أزال في حالتي المصډومة اشتدت قبضتي على حقيبتي المسنودة في حجري ورفرفت بأهدابي قبل أن أسأله بصوت شبه متحشرج متلعثم
هل تريد .. مني القيام بذلك ... هناك ألن يكتشف أحد هذا
أخبرني في هدوء
لا تقلقي إنه المكان المناسب لن يرتاب أحد في أمرك.
ثم ربت على ذراعي يستحثني على النهوض وهو يخاطبني بلهجته الآمرة
هيا .. قبل فوات الأوان.
قلت بين جنبات نفسي في مزيد من الارتياع
ليته يفوت ولا أفعل ذلك.
من قال أني أستطيع فعل ما أفصحت به سابقا حسنا لاعترف بخطئي كنت أكذب لشعوري وقتئذ بالخذلان والانكسار ففي لحظات الضعف والاستسلام قد نرضخ لما هو يفوق طاقة احتمالنا لكن بعد ذلك حين نستعيد رجاحة التفكير وندرك أننا في صدد فعل ما يخالف مبادئنا نتراجع! لاحظ فيجو جمودي المصحوب بالتردد فهمس لي بلهجة محذرة
أنت تضيعين الوقت هباء هيا لقد رتبت كل شيء لأجلك.
كززت على أسناني متمتمة بعصبية رغم خفوت صوتي مقارنة بالصخب السائد
إنها محاولة آ.. ولست معتادة على ذلك.
صحح لي كلامي بما جعلني أغتاظ من بروده
ليست محاولة بل عليك تنفيذها.
حقا لم أستطع الصمود فتوسلته بنظراتي
ألا يمكنني فعلها في وقت لاحق أنا لست مستعدة صدقني سأفشل.
وجدته يخفض يده ليمسك بي من كفي ثم نهض واقفا وجذبني إليه فاستندت بمرفقي على صدره وطوقت بالآخر القابض على الحقيبة عنقه من يتطلع إلينا من مسافة يظن أننا نتمايل على إيقاعات الموسيقى الصاخبة لكنه كان يبعدني بروية عن مكان جلوسنا المزدحم تجاوبت معه وتركته يقودني إلى حيث يريد أن نتواجد وكامل نظراتي المتوترة مرتكزة على وجهه الساكن. توقف عن المشي بعد عدة خطوات واقترب مني برأسه ليهمس بالقرب من أذني
اذهبي سترشدك هذه الفتاة إلى مكان الحمام.
ارتجفت كليا وأكاد أجزم أنه شعر برجفاتي المنتشرة في جميع خلايا جسدي لكنه تعامل معي بجمود واضح وجهت نظري إلى حيث أشار فوجدت بالفعل إحداهن في انتظاري شحبت بشرتي أكثر ودمدمت بزفير مسموع
اللعڼة.
تابع مشددا قبل أن يتركني أستل من حضنه
ولا تنسي الإبرة.
على مضض

لوحت بحقيبة يدي الصغيرة فابتسم مقتضبا استدرت بعدها متجهة إلى الفتاة الواقفة عند الزاوية لم أنبس بكلمة وتركتها تصطحبني إلى حيث المنطقة الخاصة بالحمامات وقلبي يقصف بدوي شديد بين ضلوعي.
عبر ممر طويل ممتد مكسو بدرجات اللون الأسود في أرضيته وجدرانه تحركت خلف الفتاة التي راحت تتميل بغنج لويت ثغري في تأفف وأنا أشعر بموجة من الغيرة تجتاحني
سرعان ما غالبني إحساس الخۏف وهزمني بقوة عندما التفتت لتحادثني
هذا هو.
انتقلت ببصري إلى باب معدني معلق عليه لافتة فضية عليها الرمز الخاص بالسيدات كادت دقات قلبي المتصاعدة تصيبني بالصمم لكن لا سبيل للابتعاد الآن حاولت توجيه مشاعر الغيرة السابقة وتحويلها لمشاعر ڠضب محتدمة والرغبة في الاڼتقام أطبقت على حقيبتي بيد واستخدمت اليد الأخرى لأدفع الباب ولجت إلى الداخل وألقيت نظرة سريعة على من فيه للغرابة كان خاليا! 
تجاوزت عن حيرتي وبدأت أتجول بنظراتي على الأبواب المواربة الموجودة به واحد فقط كان مغلقا لهذا توقعت أن تكون سيلفيا متواجدة بالداخل سرعان ما اتجهت نحو السطح الرخامي للأحواض وقمت بفتح حقيبتي لأتأكد من ضبط الإبرة وإعدادها للاستخدام أرجعتها لداخل الحقيبة ونظرت إلى وجهي الذي تحول للبياض من خۏفي وارتعابي انتفضت ببدني فزعة وهذا الصوت يسخر من بعيد
لا أصدق الدمية السخيفة هنا.
خرجت مني شهقة غادرة لرؤية انعكاس سيلفيا على المرآة الممتدة بطول الحائط يتقدم ناحيتي تجمدت نظراتي عليها ويدي اشتدت على الحقيبة التي حاولت فتحها بارتعاش سألتني في نفس الأسلوب الوقح
هل ضجر منك سريعا
تناوبت علي المزيد من مشاعر الخۏف وأنا أحاول لملمة شتات نفسي لأرد عليها في ثبات
هل محظور علي استخدام الحمام 
كنت قد أخرجت الإبرة وأخفيتها داخل راحتي ظللت قابضة عليها حين ارتكنت بظهرها على الحافة الرخامية بالقرب مني دندنت في لحن غير مفهوم لي وراحت تتأملني في بطء أصاب بدني بالخۏف حاولت أن أواجه مخاۏفي بادعاء قدرتي على التعامل معها نظرت إليها بوجه شبه عابس بالكاد أخفي ورائه رهبتي وجدتها تضع إصبعيها على طرف ذقنها وترد مفسرة كلامها بما أوغر صدري
لا لكن الزعيم فيجو عادة لا يترك امرأته تذهب بمفردها...
أطلقت ضحكة ساخرة مصطنعة قبل أن تتم جملتها
حتى وإن كانت ستأتي إلى هنا.
رددت عليها بشيء من الندية
وأنا لن أمكث هنا الليل بطوله أعذريني أريد أن أنتهي من ضبط مساحيقي.
لم تتركني سيلفيا لشأني وكأنها تتعمد استعجال لحظة زهق روحها كنت انتظر التفافها لأغرز سن الإبرة في أي موضع من ذراعها لكنها كانت تراقبني عن كثب كما لو كانت تتوقع تربصي بها. مطت شفتيها وأكملت وهي تشملني بهذه النظرة الفاحصة
يبدو أن لديه مشكلة معك.
وجدتها تضع يدها على جانب ذراعي وهي تحاصرني بأسئلتها اللزجة
تحدثي معي بصراحة من امرأة لأخرى هل تستطيعين إسعاد زوجك أم أنه مل براءتك السقيمة
أصبحت

مفاهيم كالبراءة السلام والنقاء أمثلة للسخرية والتهكم بدلا من اعتبارها صفات محمودة تضفي سمات جيدة للشخصية الإنسانية لكن الخۏف في مسألة زواجي والمقارنة بغيري للانتقاص من قدري كأنثى أشعل جذوة الڠضب في أعماقي راحت ألسنتها تتأجج مع استمرارها في إهانتي لذا تحفزت للرد على وقاحتها غير المحدودة وقلت في ضيق شديد
أنت ما مشكلتك معي
حدقت في سيلفيا بتسلية هازئة مما زاد من احتقاني لهذا أكملت صياحي بها وقد تنامت بداخلي هذه الرغبة المتوحشة في إيذائها
إن كانت هناك خلافات مع فيجو فاذهبي إليه وقومي بتسويتها لكن لا تلقي بغضبك علي.
استقامت واقفة وأخبرتني في كراهية صريحة
جميعكم أصبحتم مشكلتي
لربما تعاطفت مع مشاعرها الأمومية المكلومة على فلذة كبدها لو أتاحت لي الفرصة لإظهار ذلك لكنها لم تفعل عاملتني كمدانة وأخذت تقذفني بوابل من الإهانات اللاذعة فرحت أهتف مدافعة عن اتهامها غير المنصف وقد للفت يدي القابضة على الإبرة خلف ظهري
أنا لم أعرفها لأتورط في شأنها وصدقيني لو كان لدي علم منذ البداية بما يحدث هنا من صراعات دموية لما جئت لهذا البلد اللعېن أو تزوجت من الأساس.
صاحت في حدة وعيناها تلوماني بشدة
وأنا غبية لأصدق لغوك الفارغ ذاك!
زويت ما بين حاجبي هاتفة في تجهم
لست بحاجة للكذب عليك فأنا ضحېة مثلها.
 صغيرة بوضع علامة في وجهك تمنع فيجو عنك فهو لا يقبل بالمشوهات.
أبعدت يدها بقبضتي المضمومة على الإبرة وأنا أصيح بها
أنت غير طبيعية.
ضحكت ضحكات مخيفة أجفلتني فانتهزت فرصة التهائها عني لأقوم بحقنها لكن قبل أن أتمكن من غرز الإبرة في جلد ذراعها انتبهت لما أفعل سرعان ما اتخذت حذرها وضړبت يدي بقسۏة مما جعل الإبرة تسقط من إصبعي لم أكن قد استفقت بعد من نتائج محاولة فشلي في المهمة حتى وجدتها تدفعني وهي تلعنني
أيتها الوضيعة!
يبدو أن الأسوأ في انتظاري تكومت على نفسي متأوهة من الألم. لم يكن هناك أدنى مجال للرد عليها بعد أن تحولت لامرأة شرسة في أوج عدائيتها قاومت ألمي وتزحفت بمرفقي بعيدا عن بطشها الأهوج رفعت بصري المشوش ناحيتها فوجدتها قد وقفت تطل علي من علياها وهي تخبرني بازدراء مستحقر
هل حقا أرسلوك للقيام بعمل المحترفين 
نظرت إليها في ړعب وهي تصيح پغضب عارم
أوصلوا لتلك الدرجة من السذاجة والحمق
كل الأفكار السيئة اجتاحت رأسي في هذه اللحظة كفة الميزان كانت راجحة لها تابعت الزحف البطيء للخلف حتى التصق ظهري بالجدار

فقفز قلبي ړعبا لم يعد لدي مهرب منها نظرت إليها بعينين متسعتين وهي تكلمني
أكانوا يتوقعون مني أن أصدق أن واحدة مثلك ستنجح في الإيقاع بي بوجهها البريء ونظراتها المستضعفة
لم أجد ما أدافع به عن نفسي كان يجب أن أرفض خوض هذه التجربة تحت أي ظرف رأيت سيلفيا تنحني لتلتقط الإبرة وهي تتوعدني بټهديد سافر
لنرى كيف سيجمعون بقاياك
صړخت مستغيثة
النجدة أغيثوني.
تلفت حولي باحثة عما يساعدني من أشياء قد استخدمها لإعاقتها لم أجد سوى سلة القمامة الصغيرة اتجهت زاحفة إليها وألقيتها تجاهها بكل قوة فضحكت هازئة من تصرفي الأخرق خاصة أنها نجحت في تفاديها. تابعت سيلفيا تقدمها ناحيتي حاولت الركل بقدمي لإبعادها لكن من أواجه إنها تفوقني قدرة وبراعة وأنا التي كنت أظن نفسي قادرة على التعامل بخشونة نسبية مع النساء.
في لحظة كانت تقف فوق رأسي وانقضت علي كما ينقض الذئب على فريسته ليتبع ذلك شعوري بوخزة مباغتة في ذراعي فنظرت حيث موضع الألم الصارخ رأيتها تدب الإبرة في عضدي وما هي إلا لحظة وكانت قد ضغطت على الزر العلوي لتفرغ في عروقي ودفعة واحدة ما احتوت عليه من مادة مسممة !!!!!
يتبع التالي
لماذا يكرهني الجميع لهذه الدرجة ويرجون التخلص مني وأنا التي لم أؤذي شخصا في حياتي بل على العكس كنت مسالمة للغاية أميل لأكون فتاة مطيعة غير متمردة ربما لدي بعض الهفوات العابرة لكنها لا تصل أبدا لحد الضرر. كانت لحظة عصيبة اجتمعت فيها كل أحاسيس الترقب والخۏف والرهبة شعرت بسريان المادة المسممة في عروقي وتوقعت أن تفنى حياتي خلال الثواني القادمة أنهكتني المقاومة ويبدو أن السم في طريقه لإهلاكي. سمعت صوت جلجلة ضحكات سيلفيا الشامتة وهي تخبرني
لنرى كيف ستنجين
 

تم نسخ الرابط