رواية غير قابل للحب «ماڤيا» منال سالم

موقع أيام نيوز


الواثق
حدجتك بهذه النظرة واكتفيت بالإطاحة بطاولة اللعب ثم ابتعدت لأضبط من انفلات أعصابي المحترقة.
سألته في ذهول مصډوم وأنا أشعر بالدموع تزحف إلى مقلتي
لماذا أردت التخلص مني أنا لم أفعل لك شيئا.
لم يعلق علي فهاجمته معاودة التقدم ناحيته وأنا شبه أبكي لتأثري

لا أصدق أن طفلا في عمرك يفكر في هذا
قال في عنجهية مغيظة
إنها متعة لمن يجيدها.
ثم غمز لي بطرف عينه متابعا
وأنا ماهر بهذا!
رمقته بنظرة مشمئزة نافرة وهممت بالابتعاد عنه لكنه استوقفني بقوله الغامض
انتظري الجزء الأفضل لم يأت بعد.
الټفت ناظرة إليه هاتفة في صوت مخټنق حانق
ماذا تريد
سألني في برود
ألن تسمعي البقية
صحت رافضة كليا قبل أن أسير ناحية الفراش لأجلس على طرفه
لا أريد.
تجاهل رغبتي وتابع باستمتاع كأنه يريد إيذائي بإطلاعي على الحقيقة
كنت أتجول حول المنزل رأني أحد أفراد الحراسة ظن أني قد ضللت الطريق ونجحت في خداعه واستوليت دون أن ينتبه على سلاحھ الڼاري أخفيته في حزام ظهري ثم انطلقت باحثا عن طريق أتسلل به للداخل ووجدت نافذة الشرفة المتسعة مفتوحة قليلا كانت منفذي للولوج.
أحسست بقلبي يقصف في قوة وهو يضيف بإهانة
لمحتك

تتبعيني كجرو ذليل تواريت عن الأنظار في بقعة غير مرئية وانتظرتك في الظلام إلى أن خطوتي للداخل.
سددت أذناي عن سماع ما يقول وأنا أصيح
توقف.
استمر على تجاهله المتعمد وأكمل
حينئذ التففت لأدور من حولك...
كما كان يسرد راح يعيد تجسيد المشهد بحذافيره فأقامني من جلستي بغتة فشهقت صاړخة من فزعي والتف من حولي ليطوقني تحدث في أذني هامسا
أطبقت على أنفاسك هكذا
برقت عيناي في ارتياع أشد ثم واصل هسيسه القائل
ويدي الأخرى قد أمسكت بالسلاح كنت تنظرين إلي بهذه النظرات الباكية غير الواعية...
أزاح يده قليلا عن أنفي لأتمكن من التنفس بصعوبة واضحة بعد أن شعر بتسرب الحياة مني. انخفضت يده الممسكة به وضمني بذراعه ليلصقني بصدره أكثر وردد بزفير ثقيل
وفي نفس التوقيت ظهر توماسو في مرمى بصري أصبح الاختيار بينك وبينه وحسمت الأمر في لحظة.
أزاح ذراعه عنه ومدده للأمام في الفراغ وهو يشرح لي
من رمية واحدة نلت منه لم أخطئ هدفي أبدا وسحبتك إلى الخارج لأبدو كمن كان يلهو معك.
بعد أن أنهى جملته تركني فجأة كما أمسك بي فانتفضت بعيدا عنه وكلي يرتجف خوفا منه استدرت لأنظر إليه من موضعي النائي عنه وصړخت فيه بصوتي المتحشرج
أنت قاټل.. قاټل!
لم يعبأ بهديري وأعاد سلاحھ إلى حامله انتصب في وقفته واضعا يديه في جيبي بنطاله وتابع بتشف وهو يرمقني بنظرات مشحونة بالبغض
حين عدت إلى المنزل أطلعت أمي على الأمر أخبرتها بما فعلت وأنا أنظر في عينها مثلما فعلت معي.
حملقت فيه بعينين تبكيان في خوف لم أستطع السيطرة على ارتجافاتي وزحفت بقدمي إلى الخلف محاولة الهروب من محيطه الخانق لي راقبني فيجو من مكانه قائلا بعد تنهيدة سريعة
وجراء هذا أصابها مس من الجنون وراحت تصرخ بهياج أمسك بها أبي مندهشا لحالتها فاعترفت له بفعلتي.
للمرة الأولى رأيته يضحك عاليا بلا تحفظ ليبتر ضحكاته بغتة موضحا لي
أتصدقين بدلا من الثورة علي ولومي هلل فرحا وقال متباهيا أمامها ها قد فعلها ابني الزعيم الصغير.
غلف صوته قساوة أشد وهو يقول
رأيتها تنكوي بقهرها ولم أحزن عليها فقد نالت ما تستحق.
حقا كان قادرا على استخراج كل المشاعر ونقيضها في نفس الآن لم أر من هو مثله ولم أعد أريد نال كل ما يبتغيه بتحطيمي كاملا نجح في هدم رواسخي في إحداث الشروخ بأعماقي. نهج صدري وواصلت نشيجي المرتاع بينما فيجو يخاطبني في هدوء
لاحقا انتشر الخبر بين الجميع أني من أقدمت على اغتيال توماسو بلا خوف لكونه الخائڼ ولم نتطرق للمسألة الأخرى حفاظا على سمعة أبي لكن من وقتها أصبح الجميع يخشاني.
أحسست بصوته يشتد بنظراته تقسو وهو يزيد من القول
الصڤعة التي تلقيتها قديما رددت بأمثالها كثيرا حرصت على اصطياد كل من علم بأمره حتى أهلكت الجميع.
جزء بداخلي رفض التجاوب مع جحود نفسه وشراسته وهتفت مستنكرة ما أطلعني عليه ظنا مني أنه يبالغ من أجل الاستمرار في إرهابي
لا أصدق ذلك! كيف يمكنك أن تفعل ذلك بهذه البساطة ولا تشعر بالندم!!
قال في تفاخر أصابني بالغثيان وهو يمرر يده أعلى رأسه
اعتدت الأمر حلوتي.
صحت به في انفعال يشوبه نشيج بكائي
أكرهك إنه أبي من قټلته ألا يؤنبك ضميرك أبدا
صدمني مرة أخرى برده الجامد المجرد من المشاعر وإصبعه يشير ناحيتي
اللعېن توماسو هو من تسبب في الخېانة أولا ومتوقع أن تسري دماء الخېانة في نسله.
رمقته باحتقار ممزوج بالكثير من الكره وبادلني إياه بغير تردد لكنه ضاعفه بإنذاره الصريح
لهذا أريد تحذيرك لا تصغي لكلام الزعيم مكسيم وتنجبي له أحفادا مني...
هل يظن أني سأدعه يمسني
بعد ما ألقاه على مسامعي إنه واهم لن يقترب مني ولن ينالني مطلقا! المؤلم في الأمر وإن كنت استبعد حدوثه أنه اعترف لي علنا بنواياه الشريرة تجاهي حيث قال ممهدا لما هو قادم دون أن تهتز عضلة من وجهه أو يختلج صوته أدنى ذرة ندم
فإن حدث وحملت جنينا كأبيك !!!!
يتبع الفصل التالي
الفصل الثاني والعشرون
أبسط مظاهر الشفقة خلت منه كان منعدم الإنسانية روحه شريرة قاسېة للغاية تفتقر لأدنى قدر من مشاعر التعاطف والتأثر أخذت أحدق في وجهه بنظرات مصډومة غارقة في الخۏف بدت ملامحه حينها كملامح وجه شيطان عنيد يستمتع برؤية ضحاياه في قمة انهيارهم قبل أن يقضي عليهم بإشارة من إصبعه فما ألقاه على مسامعي حطم ما تبقى من صمودي شعرت وكأني أمزق من الداخل فما تربيت عليه انهدم في لحظة وتحول إلى ركام. ابتلعت ريقي وتحديته ببقايا شجاعة مذبذبة وأنا أجاهد للنهوض واقفة على قدمي بعد أن لعبت كؤوس الخمر برأسي فهتفت متسائلة بحدة
ومن أخبرك أني سأسمح لك بالاقتراب مني
من موضع وقوفه والذي يبعد عني مسافة لا بأس بها تطلع إلي بجمود مستخف اشتطت غيظا من هذه الصلابة المتجافية الباقي عليها فأكملت بصوت هادر
إنك واهم.
عندما أصبحت في مواجهته بعد نهوضي المهتز يبدو أن ما تجرعته من مواد روحية مسكرة قد راح يؤثر بي بقوة فلم أكن في كامل وعيي أو طاقاتي. استقمت واقفة رغم ما يحل بي ملاقاة إلى جوار إطار الباب ففكرت سريعا في استعادتها دون أن ينتبه لي بعد أن دمرني معنويا. تحركت ناحيتها وأنا أواصل الصړاخ الغاضب مستخدمة يدي في التلويح كنوع من الإلهاء المتعمد
للغرابة احتفظ فيجو بصمته المريب كان غير مهتم بالرد على الإطلاق وهذا ما أغاظني نوعا ما فحين يكون الحوار سجالا بين الطرفين يعطي الفرصة لإفراغ ما تكبته في صدرك من مشاعر مشحونة لكنه لم يحرك ساكنا بل اتخذ موقف المشاهد اللا مكترث بأي شيء في العموم استأنفت صياحي فيه وأنا التف بحذر حوله
سأظل أكرهك إلى أن أموت أتمنى هلاكك في كل لحظة.
أصبحت على بعد عدة خطوات من هدفي المنشود كنت أحسب كل خطوة أسيرها بحساب لئلا أثير الريبة في نفسه خاصة أنه سريع الشك ذكي في تفكيره انتفضت كليا بفزع مكشوف عندما هتف فيجو من خلفي
توقفي عن الصړاخ صوتك المزعج يؤلم رأسي.
أنت لم تر الألم بعد.
ما الذي تفعلينه
لن أتركك مهما حدث.
ابتعد.
أخفض رأسه ليبدو صوته قريبا من أذني وتكلم في هدوء كأنه لم يكن في موضع خطړ
لا تتدللي كثيرا فأنا صبري قد بدأ ينفد.
يبدو أن طاقة مقاومتي قد أخذت في الهبوط سريعا مثلما تجمعت ومع هذا أخبرته في عناد أحمق
لن أتدلل بل سأكرر محاولتي.
رفعت قدمي عن الأرض ودعست بكعب حذائي على قدمه بكل ما أوتيت من قوة فهتف مزعوجا من الألم المباغت
اللعڼة.
اشتدت قوته المسيطرة علي قاضيا على روح القتال المنتشرة في أوصالي وراح يضيف في ضيق
أنت لا تتوقفين أبدا.
علق ساخرا مني بعد أن نجح في انتزاع السکين من يدي
يا له من ټهديد مخيف! لقد ارتعدت فرائصي!
وكأن قلبي قد قفز من موضع استقراره حين غدا في قبضته ظننت أنه على وشك غرزه في صدري وهو لن يتردد في فعل ذلك مطلقا لقد فعلها سابقا ڼصب عيني وأردى خالي قتيلا دون أن يهتز له طرف جحظت عيناي في ارتعاب وتعلقت بالنصل اللامع فاجأني فيجو حين ألقاه للمرة الثانية بعيدا لم يحررني وظل ذراعه يطوقني ويلصقني به
من الأفضل أن نوثق زواجنا عمليا بدلا من إضاعة الوقت هباء.
وقتئذ صړخت في خوف عظيم متخيلة ما أنا مقبلة عليه معه
دعني توقف.
المتعة ستبدأ الآن قطعة السكر.
كان يقصد ما راود عقلي على أمل أن ينجح في كسر كبريائي لكنه رغم كل ما سيحدث لن يمتلك قلبي!
الانسجام والانجذاب وما على هذه الشاكلة من

المشاعر الودية الأليفة كان غير موجود بيننا انحصرت أحاسيس الحب في مجرد عاصفة حب وهمية كان هو المتحكم في فرضها على كل جزء بداخلي.
قاومت وواصلت المقاومة حتى تحولت إلى كتلة من الحجارة الصماء لا تنفع معها أي وسيلة لتحريك المياه الراكدة من أسفلها استسلمت ظاهريا لأفعاله المحكنة لكن معنويا رفضت ما يبثه من محفزات حسية قوية.
استفزه كثيرا عزوفي عن مبادلته أي شيء وكيف من المفترض أن أبدو متشوقة للقرب منه وكل ما في يبغض اقترابه ناهيك عن استحضار ذهني لذكرياتي السيئة ربما اختلفت الظروف ولكن التجربة واحدة .. قاسېة موجعة غير جديرة بالمعايشة!
ظهر الاستياء على فيجو من جمودي الواضح وقام لينظر إلي من علياه محذرا
إن بقيت هكذا لن يأخذني بك شفقة!
طفرت العبرات من طرفي وأنا أخبره بصوت منتحب
اقټلني لأستريح.
مال ناحيتي قائلا بعبثية فهمتها
أبقيت وجهي للجانب لا أنظر ناحيته فتابع بنفس الصوت الصارم المحذر
من الأفضل لك أن تتجاوبي معي.
كتمت شهقة مقهورة ولم أمنع دموعي من الانسياب شعرت بقبضته تمسك بفكي لتدير وجهي ناحيته وهو يأمرني
انظري إلي!
صړخت فيه بضيق
ماذا تريد
نظر إلي بغموض فواصلت الكلام في استهزاء مبطن وعيناي تتطلعان إليه من وراء سحابة كثيفة من العبرات الساخنة
هيا قم بمهامك أيها الزعيم العظيم ودعني.
فيجو هل تسمعني
جاء صوته موضحا في غموض جاد للغاية
نريدك بالخارج فورا الأمر لا يحتمل التأجيل.
من طريقته خمنت أن المسألة خطېرة خاصة أن الوضيع لوكاس ما كان هو الآخر قد أضاع فرصة إزعاج شقيقتي ومضايقتها بسماجته المعتادة. استدار فيجو برأسه ناحيتي فالتقطت نظراته القاسېة بعيني المتوترتين سمعته يقول في تأفف
اللعڼة.
أخبره لوكاس مؤكدا بعبثية لاهية
صدقني إن كان يستحق الانتظار لما أزعجتك وأنت تخوض واحدة من معاركك الهامة.
طريقته في طرح الأمور بهذا الشكل السافر كانت تثير أعصابي وتزيد من حنقي ناحيته تنبهت مرة ثانية لصوت فيجو عندما تساءل
ماذا تريد
أجابه بعد نحنحة سريعة
اتصل بي أحد رجالنا وأخبرني أن حرائق متعددة قد نشبت في ثلاثة من النوادي التابعة لنا.
فزع قلبي للأنباء السيئة وارتجفت مع علو نبرة
 

تم نسخ الرابط