رواية غير قابل للحب «ماڤيا» منال سالم
مرأى ومسمع مني
سأحاسبك على كل شيء صدقيني.
ضحكت في استهزاء وعقبت
لن تستطيع لن تهدم صورة الأسرة السعيدة على الأقل لحين الانتهاء من إعداد فيجو ليكون خليفتك فأنت بلا وريث خاصة لو عرف بشأن
ضحكت مرة ثانية في سخرية فجأة ثم كټفت ساعديها أمام صدرها وأضافت في استمتاع
وخلال ذلك لن أكف عن مضايقتك بطريقتي!
ثم لوحت بيدها له واختتمت كلامها
هيا ابحث عن طريدتك ولنا موعد عزيزي.
غادر مكسيم في التو بعد صدامه المحتدم معها مجرجرا ما اعتبره أذيال خيبته وهزيمته الأولى في مواجهتها فانزويت خلف الباب في العتمة كاتما أنفاسي خاصة عندما لمحتها تتحرك صوب الحجرة لتلج إلى الداخل ألصقت ظهري بالحائط واحتميت بالكتلة الخشبية التي حالت بيني وبين رؤيتها لي سمعت وقع خطواتها وهي تتجه نحو المكتب الخشبي ثم عبثها بالقرص الخاص بالهاتف الأرضي. صوت أنفاسها المنفعلة كان واضحا ما لبث أن تحول لنبرة حانية عندما استطردت
تبدلت نبرتها للجدية وهي توضح له
ليس وقته اسمعني جيدا لقد علم مكسيم بالأمر.
حل الضيق بصوتها وهي تهاتفه بعد لحظة من الصمت
لست حمقاء لهذه الدرجة لأخبره
بشأنك.
نفخت عاليا وخاطبت الطرف الآخر في عصبية
لم يكتشف هويتك بعد لكنه بصدد ذلك.
ناضلت لأبقى ساكنا غير منحاز لأبي كان ذلك لأجل غاية. ارتفع صياحها عندما رددت
لا تصرخ توماسو أنا مثلك الخطړ محدق بي.
لا أعلم ربما أحدهم تعرف إلي وأنا معك لقد أخبرتك سابقا أن تكون لقاءاتنا في مكان غير معروف.
ضحكت في ميوعة وقالت بدلال
طبعا أحبك لم أعشق سواك.
بدت مسترخية للغاية وهي تتحدث
حسنا لن آتي بحماقة ولكن عليك ألا تثير الشكوك في الفترة القادمة واتخذ حذرك إلى أن أنجح في الهروب من هنا ونكون معا للأبد.
نتفاضة سريعة نالت مني عندما رددت اسمي بغتة
فيجو ...
شعرت أنها اكتشفت مسألة وجودي لكن تبددت مخاۏفي مع إكمالها
تنفست الصعداء لأني كنت لا أزال غير مرئي بالنسبة لها فراحت تتحدث بأريحية مع عشيقها السري
إن تم تخييري بين بقائي وتركه...
حبست أنفاسي للحظة متوقعا أن أكون على قائمة اختياراتها انهدمت كل توقعاتي عندما نطقت بغير احتراز حاسمة أمرها
فسأتركه.
بهذا الحديث العفوي أجهزت على أي مشاعر حانية تجاهها قضت على عاطفتي نحوها بالكاد تماسكت وأصغيت إليها وهي تسأله
توماسو ماذا عنك هل ستترك زوجتك وطفلتيك لأجلي
أحبك جدا.
لم أطق البقاء وسماع المزيد مما قد يؤلمني تسللت في حرص شديد بعد أن ألقيت نظرة خاطفة عليها كانت توليني ظهرها مما منحني الفرصة للتحرك في خفة لم أحرك الباب من موضعه وشققت طريقي خلال المساحة المتروكة بين الكتلة الخشبية والحائط وساعدني على ذلك نحافتي آنذاك خرجت هاربا والنيران مندلعة في صدري لم أبك لأجل اختيارها بل قررت أن أقتص منها بطريقتي.
عاودت أدراجي برأس مرفوع في إباء وبكتفين منتصبين في شموخ وهذه النظرة القاسېة تعلو وجهي وقفت أمام عتبة الباب انتظر ببرود تام انتهائها من اتصالها الهاتفي ويداي في جيبي كأني لم أعرف شيئا. شهقت مصډومة حين استدارت ووجدتني أطالعها بغموض مرعب تلبكت ووضعت سماعة الهاتف من يدها منادية إياي بصوت مضطرب
فيجو!
قلبت نظراتها الزائغة بيني وبين الهاتف قائلة بتبرير كاذب
أنا.. كنت .. فقط آ...
أوقفتها مدعيا جهلي قبل أن تتمادى في خلق كڈبة غير مرتبة
ما الأمر أمي هل هناك خطب ما لماذا وجهك شاحب
ردت على أسئلتي بسؤال حائر
ألم تكن موجودا وأنا أتحدث بالهاتف
هززت رأسي نافيا
لا...
ثم رسمت هذه الابتسامة اللئيمة على ثغري وأنا أواصل الكذب
لقد جئت الآن.
رأيتها تسحب شهيقا عميقا طردته على مهل وهي تردد
يا إلهي أرحتني.
اقتربت منها متسائلا
مع من كنت تتحدثين
رمشت بعينيها قائلة وهي تبتسم في وداعة
لا أحد مهم هيا بنا موعد طعامك قد حان يا صغيري الغالي.
تركتها تداعب صدغي بلمستها ورمقتها بنظرة أخرى غامضة العجيب في الأمر أنها كانت تكذب بتبجح وهي تنظر في عمق عيني وتركتها تصدق كوني الفتى الساذج.
توماسو! اسم لم أنساه مطلقا كنت بحاجة لمعرفة صاحبه وتطلب ذلك مني التحلي بالصبر والحفاظ على هدوئي المزعوم فالڠضب لن يصل بي إلى شيء خاصة مع انعدام المعلومات المتوفرة عنه فقط هو رجل متزوج ولديه طفلتان.
أشهر انقضت من عمري وأنا أراقبها بشدة أحاول أن أعرف هوية الرجل الذي اعتادت على ملاقاته سرا يبدو أني ورثت ذكائها فقد حرصت أشد الحرص على التغطية على آثارها بالإضافة لتضييق الخناق عليها من قبل أبي فخروجها من القصر كان محدودا مقتصرا على أماكن بعينها غالبيتها تخص عائلتها ومن النساء بالإضافة إلى قداس الأحد. رفض مكسيمذهابي معها كأنما كان يخشى
من محاولة غدرها المتوقعة مستغلة إياي كدرع لحمايتها من ردة فعله وأنا كنت أريد الذهاب معها أينما اتجهت لإكمال مراقبتي الحثيثة فكانت عقوبتي قاسېة منه حين أعارض قراره تحملت الكثير وصمدت وتابعت ما يبذله أبي من جهود لفرض سيطرته التامة على الجماعات الداعمة لنا قبل الخلاص من عصبتها نهائيا.
كلاهما حاولا خداعي بوهم الأسرة المترابطة وأنا ادعيت مجاراتي لهما إلى أن علمت مصادفة عن لقاء يجمع بين مكسيم وشخص يدعى توماسو بدأت الشكوك تحوم حول هذا الأخير خاصة أنه كان ينتمي لجماعة تصادق عائلة أمي فحاولت في الخفاء جمع معلومات مفيدة عنه دون أن أثير الريبة وبدأت تدريجيا أصابع الاتهام تتجه إليه إلى أن تأكدت من كونه الشخص المقصود عندما ذهبت إلى القداس معها في البداية ظننت أن الأمر عاديا حرصها على التقرب من الرب لكن لحماقتي صدقت الكاذبة وتركتها تخدعني مجددا في زيارتنا الأخيرة نهضت من جواري هامسة في أذني
سأذهب إلى الكاهن أريد الاعتراف له لن أتأخر عليك.
انسحبت قبل أن تبدأ العظة بدقائق فساورتني الشكوك كل مرة تأتي إلى هنا لتعترف قبل ميعاد بدء العظة لم يبد الأمر مقنعا لي مع تكرار الأمر نهضت خلفها.
رأيتها وهي معه لهذا لم أندهش من حرصها الأسبوعي على حضور العظة ها قد سقط قناع آخر لأكاذيبها وانكشف وجه شريكها لكني لم أعرف بعد إلى أي جماعة ينتمي لأنتقم منه أشد اڼتقام قبل أن يتحول اڼتقامي لأتباعه.
جاءتني فرصتي دون أن أسعى إليها حينما تمت دعوتنا لتناول الطعام مع جماعة رومير في عقر دارهم من أجل مزاعم المصالحة وتوحيد الصفوف كنت هادئا طائعا لأبي وعمي استقبلتنا في البداية امرأة بشوش لطيفة بدرجة تصيبك بالضجر وتدعى صوفيا. تعاملت معها بجفاء وجمود وانضممت إلى الرجال في مكان جلوسنا بدا الوضع عاديا إلى أن رأيت وجه توماسو وهو يظهر من الخلف حينئذ تبدلت سحنتي للنقيض انعكست مشاعر الكراهية على صفحة وجهي وقدحت عيناي بشرارات الڠضب. نطق عمي عندما وجدني متجمدا في مكاني ورافضا الاقتراب منه
فيجو هيا صافح عمك توماسو...
ربت على كتفي ليستحثني على التحرك وهو ما زال يتكلم
سيغدو حليفنا القوي.
لم استجب له وظللت أحدجه بنظرات متوعدة فأمرني مرة أخرى بقليل من الحرج
تحرك فيجو.
قلت رافضا بعناد
لا أريد.
هتف ماركوس مذهولا لموقفي غير المحايد
ماذا
أخبرته ببساطة وعيناي لا تتحولان عن وجه توماسو القميء
إنه من أعدائنا.
ضحك توماسو في سخافة مستفزة لي وقال ممازحا أبي
يبدو أنه شبيهك مكسيم في طباعه الحادة لا يعطي لأحدهم ثقته ببساطة.
علق عليه والدي
نعم نسختي المصغرة.
تكلم عمي مرة ثانية في صيغة منزعجة
نحن نوحد الجبهات الآن كفى تصرفات صبيانية واقترب منه.
قال رومير هازئا بسماجة
يبدو أنك غير قادر على إقناعه ماركوس لنرى تأثير الزعيم عليه.
أخبره عمي في ضيق
فيجو لا يعصي لي أمرا لكن لا أعرف ما الذي أصابه.
تدخل مكسيم لإقناعي بمد يدي فصاح في حزم
نفذ أمر عمك.
دسست يدي في جيبي لأخرج منه مديتي وأنا أسير متجها نحو توماسو رأى الأخير ما أفعله فعقد حاجبيه بترقب كأنما يتوقع حركة غدر مني عندما وقفت قبالته لكنه تدارك حركتي وصدها بعضده فأصابته بچرح غائر. صاح رومير مصډوما لتصرفي الأهوج
ما الذي فعلته
دفعني للخلف في قساوة وهتف ماركوس مستنكرا
أيها الأحمق ماذا فعلت
تجاهلت نعته المسيء والټفت ناظرا لأبي لأخبره بنظرة ذات مغزى وكلمات موحية
إنه يستحق المۏت أبي إنه الخائڼ الذي تبحث عنه.
لم يستوعب مكسيم مقصدي الغامض فنهرني بصڤعة قوية للغاية جعلت رأسي يطن
لا تقل أبي اغرب عن وجهي.
بقيت متسمرا
في مكاني مستعدا لتلقي عشرات الصڤعات إلى أن يتفقه ذهن أبي لمقصدي انطلق عمي تجاهي ودفعني قسرا من أمامه وهو يقول
هيا تحرك.
قال توماسو وهو يضع يده على موضع الډماء النازفة
لا تقلق مكسيم ليس بالأمر الخطېر ولن يفسد ما نسعى لأجله.
قلت پغضب محموم وقبضتي عمي تدفعاني بعيدا
أيها الزعيم إنه من غدر بك من كنت تفتش عنه لأشهر.
تطلع إلي مكسيم بنظرات مبهمة ما زالت جاهلة بمقصدي وقال في صوت حانق حازم بعد أن جاءت صوفيا إلينا
أخرجي هذا الصبي من هنا.
توجهت أنظار صوفيا نحوي فرأت عيناي ملتهبتان كنت أشعر بحرارة الصڤعة على صدغي حتما تلونت بشرتي واشتعلت رأيت تعاطفا منها ناحيتي لكني لم أبال فقط سمعت عمي يقول مبررا ما اعتبره طيشي
اهدأ مكسيم إنه غض غير ملم بالقواعد بعد.
صړخ أبي معترضا في صوت أجش صارم
ابعده عن ناظري وإلا من يخالف الأوامر لا يحق له الحياة وإن كان من صلبي.
انتبه رومير لوجودنا فصاح معنفا المرأة
أنت لا تزالين هنا خذيه واذهبي.
هرولت صوفيا نحوي لتمسكني من ذراعي سحبتني منه خارجا وهي تقول في انصياع مرتاع
حسنا.
لكزت يدها الموضوعة علي وسرت إلى جوارها مرغما ما إن ابتعدت بي عن محيطهم حتى سألتني في اهتمام أمومي لم استسغه
هل أنت بخير هل أحضر لك ثلجا
ثم مدت يدها ناحيتي فنفضتها وأنا أقول في عدائية صريحة
لا تلمسيني.
تركتها لأركض خارج الفيلا أريد البقاء بمفردي محاولا البحث عن طريقة أكشف بها خداع هذا الوغد دون أن أكشف سر الخېانة علنا.
نالت من جسدي بضعة انتفاضات مرتعشة جعلتني أشعر ببرودة قارصة تدب في أطرافي استنكر عقلي ما سرده علي فيجو من أحداث تخص هذه الواقعة فأفقت من صدمتي المؤقتة رافضة تصديق ما تفوه به كليا إنه يحاول تحطيم طفولتي بأكاذيبه يدمر ذكرياتي بادعاءاته غير الصادقة غامت عيناي وصحت به في استهجان رهيب
أنت كاذب أبي ليس هكذا!
تغاضى عن عصبيتي وتابع بهدوء وهو يعيد إلى ذهني تفاصيل الحلم القريب الذي انبعث من بواطني لأخوض مرة أخرى في أحداثه
رأيتك بالحديقة تلتهين بألعابك السخيفة وجهك البريء استفزني كنت أريد الاڼتقام منك ويدي بالفعل أمسكت بالمدية وأخفيتها وراء ظهري.
غريزيا وجدتني أتراجع خطوة بعيدا عن جواره وبوادر الرهبة تستحوذ على كياني فحلمي كان منقوصا والتكملة على ما يبدو لدى فيجو. ظلت نظراتي متعلقة بوجهه الساكن في تعبيراته وقد استطرد متحدثا بنفس الصوت الهادئ