روايه حلم ولا علم رواية شرقيه كامله بقلم منى لطفى

موقع أيام نيوز


الامر فمالت باذنها على فمه لتسمعه جيدا فتحت عيناها من الدهشة
فهو لا يردد سوى كلمة واحده 
هبة ... هبة .. هبة .... 
ترقرت الدموع في عينيها واكملت وضع الكمادات الباردة بالتبادل وكانت كل مرة تقوم بمسح يديه ورقبته بقطنة مبللة بالماء البارد ومكثت على هذا الحال فترة طويلة حتى بدأ تنفسه ينتظم وحرارته تنخفض فنهضت متجهة الى الصيدلية المنزليه المعلقة في الحمام فوق الحائط وفتحتها وتناولت منها قرصين من دواء خافض للحرارة ثم عادت اليه فساعدته لتناول الدواء رافعة اياه بذراعها قليلا الى الأعلى واضعه قرصي الدواء في فمه ثم قربت كوب الماء منه فابتلع الدواء وكان مغمض العينين ولكنه ما لبث ان اشتم رائحة يعرفها جيدا بل ويعشقها ففتح عينيه لتثع نظراته السوداء على عينيها الرماديتين فهمس بصوت ضعيف اصطبغ برجاء بينما هربت بنظراتها متشاغلة عنه بوضع الكوب بجواره 

هبة انت جيتي! 
أعادت انتباهها اليه وأمسكت يده بحب واجابت بإبتسامة حانية 
نام يا امجد ...
قال بحزن ونظراته منصبة عليها 
لا.. لو نمت مش هلاقيكي لما اصحى! 
أجابته بحب وهي تربت على يده التي تمسك بها 
نام يا امجد وارتاح دلوقتى انت تعبان !
همس بصوت ضعيف حزين 
انا مش هرتاح طول ما انت مش جانبي...
قالت برجاء 
امجد .. علشان خاطري...
فمد يده الحرة اليها قائلا بينما عيناه تنهلان من تقاسيم وجهها الذي افتقده وبشدة 
طيب بس بشرط !!
مدت يدها اليه فتناولها بلهفة قابضا عليها وإن كانت قبضته ضعيفة ولكنها لا تزال تبعث الأمان في قلبها وأجابت بابتسامة 
شرط ايه
قال برجاء كالطفل الصغير الذي يترجى والدته 
خليكي جنبي... ما تمشيش! 
نظرت اليه بهدوء دون تعقيب أولا ثم ابتسمت ابتسامة واسعة وهي توميء برأسها موافقة فابتسم براحة وأفسح لها مكانا بجواره لتجلس وما غن استوت جالسة بجواره حتى مد ذراعه العضلي وسرعان ما انتظمت أنفاسه غارقا في سبات عميق وقد ارتسمت على شفاهه ابتسامة راحة من وجد ضالته بعد طول عناء!! ....
استيقظ امجد صباح اليوم التالي وهو يتمطى فوق الفراش بسعادة وهو لا يتذكر من احداث الليلة السابقة سوى ان هبة كانت برفقته طوال الليل بل وانها قد وعدته أنها لن تتركه ثانية أبدا ليس هذا وحسب.. لكنها نامت بين ذراعيه !..... ذراعيه!! هب جالسا في الفراش ناظرا الى ذراعيه الخاويتين ثم جال بنظره فيما حوله فلم يجد سواه!!
قفز مسرعا من مكانه وخرج من الغرفة مفتشا عنها في أرجاء الجناح ثم هبط الدرج مسرعا وكان لا يزال بثياب النوم حافي القدمين !!
فوجئ به جده وهو يراه يهبط راكضا قافزا لدرجات السلم بهذه الطريقة تقدم اليه فرحا وهو يهتف 
امجد حبيبي.. ايه المفاجأة دي ! حمدلله على السلامة يا امجد ..
أجابه امجد وبصره زائغا يفتش بعينيه بيأس في الأنحاء 
الله يسلمك يا جدي ..
لاحظ الجد نظراته الزائغة فعقد جبينه متسائلا 
مالك يا امجد فيه إيه شايفك عمال تتلفت حواليك وبعدين من امتى وانت بتنزل بالبيجامة من فوق لا وحافي كمان 
لم يعر أمجد بالا لملاحظة جده عن هيئته وبدلا من الرد على سؤاله قال برجاء 
جدي ماشوفتش هبة 
قطب الجد مجيبا بدهشة حزينة 
هبة ! غريبة يا امجد ... انت عارف ان هبة غايبة بئالها شهر هو ايه اللي فكرك بيها دلوقتى احنا ماسيبناش مكان الا و دورنا عليها فيه انت قلبت عليها الدنيا بحالها !! بس عموما ما تقلقش اكيد هنلاقيها ان شاء الله ..
فهز امجد برأسه معترضا وبقوة وهو يهتف 
لا يا جدي... هبة كانت معايا امبارح انا متأكد! انا حسيت بيها... فضلت جنبي طول الليل تعملى كمادات ووعدتنى انها مش هتسيبني تاني انا متأكد يا جدي وما تبصليش كدا... انا مش مچنون! 
ربت الجد على كتفه قائلا برجاء 
ماحدش قال انك مچنون يا امجد ... هبه هترجع يا امجد .. ان شاء الله هترجع ....
زفر امجد بضيق وقد وضع اصابعه في شعره مغمضا عينيه وقلبه ېصرخ مناديا اياها بينما يكاد يفقد عقله من الألم الرهيب الذي يعصف به ترى هل شارفت على الجنون يا هبة هل ما حدث الليلة السابقة محض تخيلات! ولكن...ماذا كان يفعل طبق المياه الباردة الكمادة التي استيقظ ليراها ملقاة بجواره فوق الوسادة! سيجن لا محالة ان استمرت هذه التساؤلات تعصف برأسه! ولكن مهلا....سيجن...س ! لا... إنه يكاد يقسم أنه قد جن وانتهى الأمر!! ....
دخلت هبة الى الشقة التي استأجرتها في المدينة وقد وضعت كيس مشترياتها فوق الطاولة الخشبية المستديرة التي تتوسط الصالة في حين سمعت صوتا من الداخل ينادي 
هبة حبيبتي انتي جيتي !
أجابت هبة الصوت المتسائل وهي تجذب كرسي خشبي بصعوبة لترتاح عليه وهي تزفر بعمق وراحة بعد ان جلست 
ايوة يا رشا جييت ...
ظهرت فتاة سمراء شابة في العشرينيات من عمرها قادمة من المطبخ وهي تجفف يديها في منشفة قماشية و اقتربت منها وهي تقول مقطبة جبينها 
مالك يا هبة شكلك تعبان اووي!!
فتنهدت هبة بتعب وأجابت 
انهارده كنت واقفة طول اليوم انت عارفة حفلة آخر السنة خلاص قربت ولازم ادرب الولاد كويس أوي عليها الحفلة هيحضرها مدير المنطقة التعليمية والمحافظ علشان المدرسة اللي انا فيها تعتبر اكبر مدرسة هنا وكل سنة لازم المحافظ بيحضرها...
قالت رشا وهى تقف امامها بجدية 
انت كدا بتيجي على نفسك كتير! خلي بالك انت حامل وفي التامن كمان... يعني مش عاوزين اهمال وتدخلى في مشاكل ولادة بدري احنا في غنا عنها...
ابتسمت هبة ابتسامة صغيرة واجابت 
شغلي يا رشا وانت بنفسك قولتيها... كلها شهر بالكتير ويمكن اقل وأولد.. وهحتاج لكل قرش ساعتها وإنتي عارفة أنه....
سارعت رشا بمقاطعتها متذمرة 
انا مش فاهمه انت دماغك دي ايه! بأه يكون جوزك وابو اللي في بطنك اكبر رجل اعمال في مصر كلها وانت بتشتغلي مدرسة موسيقى في مدرسة و ساكنه في شقة ايجار وشرك كمان!
تابعت وهى تضع يدها على كتف هبة 
ماتزعليش مني يا هبة انت عارفة غلاوتك عندى ولما علاء كلمني علشان تيجي تسكني معايا هنا وهو عارف اني وحدانية وياما اشتكيت له من الوحدة اللي انا فيها.. انا أد ايه رحبت بيكي وصدقيني انت بئيتي اختي بجد و علشان كدا لازم انصحك .. هبة انت بتكدبي على نفسك !! انت لسه بتحبيه وعمرك ما هتنسيه والا ما كنتيش سكنتي في بلد بينها وبين مزرعته مايجيش ساعه الا ربع بالعربية! انتي رفضت من جواكي انك تبعدي عنه يا هبة .. و كأنك طول ما انت في مكان قريب منه بتحسي بالأمان !! يبقى ليه العڈاب اللي معيشة نفسك ومعيشاه معاكى فيه...
سكتت منتظر سماع جوابها ولما لم تجد منها اي ياستجابة سوى ابتسامة حزن صغيرة ارتسمت على وجهها
ودموع لمعت في عينيها واصلت بحماس 
انت عارفة ان علاء كل مرة بيقولك انه لسه بيدور عليكي ما فقدش الأمل يا هبة وانتي حتى والدك فين وفين لما بتكلميه وكل مرة تنبهي عليه ما يجيبش سيرة له خاالص والا ما عدتيش هتكلميه تاني ليه كل دا يا هبة ليه 
أجابت هبة بحزنىوهي تنظر الى رشا التي جلست أمامها 
انت يا رشا بتسأليني ليه ما انت عارفة ليه! انا تعبت اني اكون مسخ يا رشا ! انا بحبه ومش بحبه وبس لا... وبعشقه كمان ومش ممكن هحب حد غيره أبدا بس الحب لوحده مش كفاية ! امجد لازم يعرف ان حبه ليا لوحده مش كفاية بالنسبة يا رشا! لازم يديني مساحه اني اقول آه او لأ .. امجد كان بيعاملني اني بنته اللي بېخاف عليها من الهوا.. كل دا جميل بس انا مش بنته... انا مراته وشريكة حياته لازم يتقبل قرارى ويحترمه خوفه المړضي انه يخسرني هو فعلا اللي خلاه يخسرني..
سكتت قليلا ثم تابعت بجدية 
أنتي صح يا رشا انا فعلا اخترت اني اقعد عنها جنبه انا مش بكره انا بحاول أرجع هبة من تاني! هبة اللي أمجد كان السبب اني أخسرها وعلى فكرة هبة دي بردو اللي أمجد حبها ومع الوقت لو كنت استنيت وعديت الموضوع وسامحت كان هو اللي هيبتدي يزهق مني لأن مش دي الشخصية اللي جذبت أمجد ليها وخليت المستحيل بالنسبة له يحصل وانه يقع في حبها ووقتها بقه كان هييجي يدور على خبة القديمة هيلاقيها مش موجودة! ماټت واتولدت بدالها مسخ... من غير شخصية وهو ساعتها اللي كان هيرفضها! النا حاولت أنقذ حبنا يا رشا مش شرط كل قصة حب تنتهي نهاية سعيدة في اتنين بيعشقوا بعض زينا كدا لكن الظروف حكمت انهم ما يكملوش...
سكتت قليلا ثم تابعت بنبرة طغى عليها الحزن بينما انسابت دمعة وحيدة تجري على وجنتها المرمرية سارعت بمسحا براحتها 
رشا انا حبيت أحافظ على ذكرى حلوة لهبة عنده وفي نفس الوقت حبيت أبعد قبل ما يتحول حبي ليه لڠضب منه ومن نفسي حبي عمره ما هيتحول لكره لكن لو اتحول لڠضب هيكون ڠضب اسود هيخليني أكرهني أنا مش هو!
شردت قليلا بينما ربتت رشا على يدها الموضوعه على الطاولة امامها وتابعت بعينين تغيمان في الذكريات 
عارفة انا بعد ما مشيت من عنده يوم ما كان عيان واتسحبت وسيبته نايم زي العيل الصغير اللي نايم في حضڼ مامته ومش عاوزها تسيبه نزلت بسرعه وشوفت علاء بالصدفة وقتها طبعا ما صدقش عينيه وكان هيصرخ اني رجعت لكن منظري ودموعي مش منظر واحدة سامحت ورجعت ابدا سألني فقلت له انى عرفت ان امجد تعب وحبيت أشوفه وبعدين طلبت منه يساعدنى انى اسيب بيت عم حسانين لاني كنت متأكده ان امجد اول ما هيصحى هيقلب المزرعه والبلد كلها عليا وفعلا علاء ساعدنى في الاول نزلت في بنسيون جنب الكلية بتاعته وبدل ما ارجع بيتي انا وبابا لاني متأكده ان امجد هيحط اللي يراقبه 24 ساعه او اشوف سكن في مصر... ومصر كبيرة الناس تتوه فيها فضلت انى افضل هنا جنبه آه كفاية عليا انى احس انه جنبي ولما أولد عايزة ابنه او بنته يتربو في نفس المكان اللي موجود فيه باباهم وهتساليني لما اولد هعرفه ولا لأ.. هقولك معرفش! كل اللي اعرفه دلوقتي.. اني مش قادرة ارجع ل امجد طول ما أنا مش متأكده ان بعادي عنه خلاه يتغير وخلاه يعرف ان هبة دي انسانة بيحبها مش حاجة بيمتلكها حب يعني احترام ليا ولرأي لكن امتلاك يعني شيء او جارية لاغية عقلها وشخصيتها وطول ما انا لسه شاكه انه لسه زي ما هو حبه حب امتلاك مش هرجع! المشكلة دلوقتي انه
 

تم نسخ الرابط