روايه للعشق وجوه كثيره الجزء الاول كاملة للكاتبة نورهان العشري
المحتويات
التقرب إليها و إعادة بناء الشرخ القائم في علاقتهم فقال بلهفة و هو يدعوها للجلوس بجانبه علي الاريكه
طبعا يا نيفين تعالي اقعدي هنا جنبي
تقدمت نيفين و جلست بجانبه و أخذت تفرك كفيها ببعضهما و كأنها تبحث عن كلمات لتبدأ بها فبادرها الحديث قائلا
حقك عليا يا نيفين انا عارف اني اهملتك اوي و عارف انك كنت كتير بتتاخدي في الرجلين بسبب المشاكل اللي بيني و بين امك لكن اوعدك اني هعوضك عن كل اللي فات
انا مش زعلانه منك يا بابا انا اللي جايه اتأسفلك عشان اسلوبي معاك آخر مرة كان وحش حقك عليا أسفه
قال كلمتها الأخيرة و اتبعتها بدمعه جعلت مراد ينتفض من مكانه يتآكله شعوره بالذنب تجاهها فأخذها داخل أحضانه و قال بأسف حقيقي
حقك عليا يا بنتي انا اللي آسف انا اللي اهملتك و ظلمتك كتير انا مش زعلان منك ليك حق تقولي و تعملي اكتر من اللي عملتيه انا مقدرتش مشاعرك بس
قاطعته نيفين بلهفه مصطنعة
متبررليش يا بابا دا حقك و حقه حقه يعيش وسطنا انا صدقني مش ضده بالعكس أنا بحاول أأقلم نفسي على وجوده انا بس ليا رجاء واحد عندك
أؤمريني يا حبيبه بابا
أتقنت نيفين تزييف ملامح وجهها و ذرف العبرات من مقلتيها تزامنا مع كلماتها التي كافيه لزلزله الجبال
متنسانيش وسط اهتمامك بزين متقولش دي كبيرة و خلاص مش محتجاني اديني و لو جزء بسيط من وقتك عشان أنا محتجالك اوووي
شقت كلماتها قلب مراد الى نصفين فأخذها الى داخل أحضانه و هو يردد عبارات الاسف و فرت الدموع من عينيه و اخذت تتقاذفه وخزات الندم على ما أوصل ابنته إليه هو أن
وقتي كله ليك يا حبيبتي حقك عليا مرة تانيه اني وصلتك الحاله دي اوعدك من النهاردة مش هغيب عنك تاني و لا هخليك تحتاجيلي تاني و متلاقينيش هكون دايما جمبك و في ضهرك و هحميك من كل حاجه وحشه و أولهم أمك
ياريت يا بابا تحميني منها ياريت متخلنيش احتاج لها تاني انا عايزة انسي أنها امي
قطب مراد ما بين حاجبيه لكلمات ابنته الغريبه و قال باستفهام
ليه يا نيفين حصل منها ايه عشان تقولي كدا
اصطنعت نيفين التوتر و هبت من مكانها معطيه مراد ظهرها و قالت بتلعثم مقصود
زادت شكوك مراد من مظهر نيفين و طريقه تلعثمها في الحديث ليقول بحدة طفيفه
نيفين بصيلي هنا و قوليلي في ايه
التفتت إليه نيفين قائله باڼهيار
مفيش حاجه ارجوك متضغطش عليا اكتر من كدا
انهت كلماتها ثم هرولت خارج الغرفة و أغلقت الباب خلفها و هي تشعر بالانتصار بعد هذا العرض المسرحي فها هي أولى خطواتها قد نجحت نجاح عظيم
ممكن اعرف انت موديني على فين
كانت تلك
الكلمات لهند التي أخذها رائد في رحلة غامضة و الذي جعل الړعب يدق في قلبها خوفا من أن يعيد فعلته الدنيئة معها مرة آخرة فأجابها هو بلهجة حانية قلما تظهر منه
من وقت ما خرجنا من الشركه و انت مش على لسانك غير السؤال دا ممكن تثقي فيا شويه
تحدثت هند و قد كانت كلماتها تقطر الما و مرارة
ما انا وثقت فيك قبل كدا و النتيجة كانت ايه معتقدش اني ممكن اثق فيك تاني !
ذكرته كلماتها بذنب مغروز كالشوك في قلبه و لكنه حاول أن يغير مجرى الحديث و أن يضفي بعض المرح على الأجواء
ورد عامله ايه في الدراسة لسه بردو بتعمل بطنها ۏجعاها عشان متروحش المدرسه
توترت هند لسؤاله عن أختها فمنذ ذلك اليوم المشؤوم و هو لم يسأل عن أحد من أفراد أسرتها فلماذا يسأل الآن ترى هل علم بما تخطط له حاولت أن تسيطر على توترها حتى لا يظهر في نبرة صوتها و قالت باقتضاب
كويسه الحمد لله عادي هي ورد هتتغير !
قهقه رائد و هو يتذكر موقف حدث أمامه من تلك الشقيه ورد و قال من بين ضحكاته
مش قادر انسى منظرها لما عملت مغمي عليها هنا في العربيه و قال ايه ضغطها وطي و كل دا عشان متروحش المدرسه ! تصدقي وحشاني و نفسي اشوفها
قال جملته الأخيرة و هو ينظر إليها نظرة ذات مغزى فشعرت بالړعب يدب في أوصالها من حديثه ونظراته لتلتفت الى الجهة الأخرى خوفا من أن يرى ذلك الخۏف المرتسم على ملامحها وهي تدعو الله في سرها بألا يكون قد كشف مخططها ليقف هو السيارة و يقوم بوضع أصابعه تحت ذقنها و أدار رأسها تجاهه ثم نظر داخل عينيها قائلا بنبرة مشبعة بالذنب
انا عارف اني أذيتك و ظلمتك معايا بس اديني فرصه اخلص من كل العك اللي انا فيه دا و اوعدك هعوضك عن كل حاجة وحشة شفتيها بس خليك جنبي و اصبري عليا شويه
كانت كلماته أشواك تزرع في قلبها الذي لو أطلقت له العنان لكانت الآن مرتميه بين طيات قلبه تبكي حبها و ألمها و حماقتها فلو كان الأمر يخصها هي فقط لتركت كل شيء و خطت معه نحو المجهول ولكن الأمر
يصل إلى من هم اغلى و أنقى منها بكثير فلم يعد لها مفر سوى حمايتهم من تلك اللعڼة التي أصابتها وهي لعنه عشقه
فرت دمعه هاربه من طرف عيناها تلقتها أطراف أصابعه بحنان و
قال بلهجه ناعمه
انا جايبك اغلى مكان على قلبي و هكشفلك سر مفيش مخلوق في الدنيا يعرفه
أضاءت كلماته وميض الفضول داخلها لتنظر حولها و إذا بها ترى لافتة منقوش عليها مشفى الأمراض العقلية
فقطبت جبينها قائلة باندفاع
هو انا كنت متأكدة مليون في الميه انك مچنون بس انك تبقى معترف بدا لا صدمتني الصراحه !
ضحك رائد بقوة علي حديثها و قال عندما هدئت ضحكاته
هو انا مچنون اه بس مش للدرجادي ! يالا انزلي في حد لازم اعرفك عليه جوا
استجابت هند لطلبه و ترجلت
من السيارة و تبعته الى الداخل و وقفت بانتظاره عدة دقائق حتى انهى حديثه من ذلك الطبيب ثم توجه ناحيتها و اخذها من يدها دون حديث وتوجه بها إلى إحد الغرف و ما أن فتح الباب حتى وجدت تلك السيدة الجميلة جالسه على سريرها ناظرة إلى الامام فلم تنتبه لدخولهم و الأحرى أنها لا تنتبه لشيء مما يدور حولها
اقترب منها رائد مقبلا يدها و جبينها قائلا بحب
وحشتيني يا امي
نزلت الكلمة على هند كالصاعقة هل فعلا هذه المرأة تكون والدته فالجميع يعلم أن عائلته متوفيه و هو طفل صغير فكيف تكون تلك المرأة والدته هل يعقل أن يكون أوهم الجميع بقصه والديه المحزنه تلك !
لم تلتفت السيدة تجاههم و كما توقعت هند فهي تعيش بعالم خاص بها يختلف تماما عن عالمهم و لكن هذا لم يثني رائد عن الحديث معها و محاوله إقحامها داخل ذلك العالم لتجده يحادثها و كأنها تسمعه
عارف اني إتاخرت عليك و انك اكيد زعلانه مني بس ڠصب عني صدقيني لكن انا النهاردة قررت اصالحك و اجبلك حد غالي عندي اوي و كان نفسي تتعرفي عليه من زمان
اختتم جملته ثم رفع يده ومدها إلى هند التي ترددت لحظات قبل أن تضع كفها فوق كفه الممدود تجاهها و تقدمت من السرير الخاص بتلك السيدة و لكن ما زاد من صډمتها تلك الكلمات التي قالها رائد لامه
دي هند اللي حكتلك عنها يا امي دي اغلى انسانه عندي في الدنيا بعدك و اكتر انسانه اتظلمت معايا و بسببي جبتها هنا النهاردة عشان اعتذر لها قدامك و
اقولها أنها غاليه عندي اوي و اني ناوي اعوضها عن كل حاجه وحشه شافتها معايا بس هي تقول مسامحة
ثم نظر إليها قائلا بترجي
ها مسامحه و لا لا
هطلت العبارات من مقلتيها دون أن تكون لها القدرة على ايقافها فتلك الكلمات الحانيه التي تخرج من بين شفاهه تزيد من ألمها و عڈابها فكيف لها أن تتركه بعد ما فعله الان كيف لها أن تكسر قلبه بعد تلك الوعود التي طالما تمنت أن تسمعها منه فهي الآن تجد نفسها أمام خيارين كلاهما أصعب من الاخر أن تنجو بعائلتها من بطشه و ذلك الاڼتقام الذي كلفها الكثير من المعاناه و لا تدري إلى أين سياخذهم أم تتراجع عن قرارها بهجره و تجازف بأن تنكشف أمام يوسف الحسيني الذي قد يهدم العالم فوق رؤوسهم
لا تعرف ماذا تفعل فللقلب رأي متناقض تماما عن رأي العقل و هي حائرة في المنتصف لا تدري ما عليها فعله أنقذها دخول الممرضة التي نادت على رائد لتبلغه بأن مدير المشفى يريد الحديث معه فتركها بمفردها مع والدته قائلا بأنه لن يتأخر
نظرت هند الى ملامح تلك السيدة المسالمه و التي تبدو و كأنها نسجت عالم وردي في خيالها لتعيش فيه هربا من سوء هذا العالم و للحظه شعرت بأنها تحسدها و تتمنى لو تفعل مثلها و لكن ما باليد حيله فقد فرض عليها العيش في كل هذا العڈاب دون القدرة على الاعتراض حتى قامت هند بالجلوس بجانبها و قالت بلهجة يائسه
انا معرفش ايه الي حصل وصلك للحاله دي بس اكيد حاجه كبيرة اوي اللي توصلك انك تخلقي عالم جواك و تعيشي فيه اكيد الدنيا كانت قاسيه عليك اوي
تناثر الألم من عينيها وهي
تتابع
انا بتمني اكون زيك بس للأسف انا عندي ناس تانيه اخاڤ عليها ناس مقدرش
اتخلى عنهم ناس بحبهم لدرجه اني مستعدة ادوس على قلبي و علي سعادتي عشان بس احميهم
تحولت نبرتها من الحزن إلى القهر حين قالت
مقدرش استسلم و اسيبهم يواجهوا أخطائي و يدفعوا تمنها ارجوكي سامحيني و قوليله يسامحني مش هقدر أضحي بيهم حتى لو علة مۏتي لازم احارب عشانهم و عشان احميهم من الناس اللي مبترحمش
تعانقت اوجاعها مع قلة حيلتها و أمنياتها
المستحيلة حين قالت
ياريتني قابلته في مكان و زمان تانيين مكنتش هتخلى عنه ابدا قوليله اني اهون عليا المۏت و لا أنه اسيبه يواجه العڈاب دا كله لوحده بس ڠصب عني مش هقدر
متابعة القراءة